تعرف على قصة الشاعر الأموي "القبيح" الذي قضى حياته ينشد أشعار الغزل بمعشوقته مي !
صحيفة المرصد : قالت عنه والدته: "اسمعوا شعره ولا تنظروا إلى وجهه"، فقد كان قصيراً، قبيح المنظر، رغم حلاوة لسانه، إنه الشاعر العربي ذو الرمة الذي عاش في الفترة من 77 إلى 117 هجرية، وقضى حياته ينشد أشعار الغزل دون أن يظفر بمحبوبته التي ارتبطت باسمه، مي أو مية.
اسمه الحقيقي غيلان بن عقبة العدوي، ويعتبر من شعراء العصر الأموي؛ وقد لقب ذو الرمة بهذا الاسم، نسبة إلى قطعة الحبل التي تعني الرمة، والقصة ترتبط بحسب إحدى رواياتها بـمعشوقته مي.
شراب أبدي
يُحكى أنه في أول حديث بينه وصاحبته "مي"، إذ مرّ يوماً بخباء قومها، فاستسقاهم، فقالت له والدة مي.. قومي فاسقه. فجاءته الفتاة بالماء، وكانت على كتفه رمة "وهي قطعة من حبل"، فقالت: "اشرب يا ذا الرمة".
ومن هنا نشأ الوله والعذاب الأبدي، الذي دفنه معه في قبره، وحيث كان تلك القولة: "اشرب يا ذا الرمة" شراباً لا يروي ظامئه.
وقيل إنه كان يربط هذا الحبل أو قطعة من الجلد منذ صغره، وتتدلى منه تعويذة، وقد حافظ عليها حتى كبر دون أن يتركها.
بين الدمامة والفتنة
في مقابل صورة ذلك الرجل الدميم كانت #مي امرأة جميلة، تثير فتنة الرجال، وقد انتهى بها المطاف أن تتزوج من غير شاعرها والرجل الذي هام بها حباً.
وقد وصف ذو الرمة "مي" بما يؤكد أحاديث الرواة عنها من جمال الوجه وطول الخد والأنف وسمات الملاحة بشكل عام، يقول عنها:
براقة الجيد واللبَّاتِ واضحة
كأنها ظبية أفضى بها لبَبُ
تزداد للعين إبهاجاً إذا سفرتْ
وتحرَجُ العينُ فيها حين تنتقب
لمياء في شفتيها حُوةٌ لَعَسٌ
وفي اللثاتِ وفي أنيابها شنب
كما قال في وصفها أيضا، حيث يشير إلى أن أجمل ما فيها العينان والابتسامة مع نعومة جمالها ورقة منطقها:
لها بشرٌ مثل الحرير ومنطقٌ
رخيم الحواشي لا هُراءٌ ولا نزرُ
وعينان قال الله: كونا فكانتا
فعولان بالألباب ما تفعل الخمرُ
وتبسم لَمح البرقِ عن متوضِّح
كلَون الأقاحي شاف ألوانَها القطرُ
الحرمان يصنع شاعراً خلد ذو الرمة نفسه بالأشعار التي غزلها في مي، وكان موضوع الحب وبكاء الحبيبة، هو الأصل، الذي قام عليه عمود شعره، من بكاء الحرمان واللوعة، والحومان حول الديار بلا طائل واشتياقه للحوار العذب مع معشوقته التي أخذت منه، وكان يجهر بأمره وليس عنده من سره. وفي الروايات إنه كان فقيراً لم يحصل المال الكافي لزواجها وحيث لم يمنعه فقره فحسب، كذلك دمامته، ولم يشفع له شعره بنيل وطره من الحبيب، فتنقل في مدن #العراق والشام يمدح الكبارات بهدف تجميع ما يكفي من المال. ثم عاد وقد انتهى الأمر لأن مي قد خطفت منه بواسطة أحد أبناء عمومتها الذي تزوجها، فكان البكاء والشعر من ذي الرمة، ولولا ما حصل لما وجدنا هذا الشعر الخالد إلى اليوم الذي رسم هذا الاسم في سجل ديوان القصيد العربي.
حب بديل مزيف! وقد حاول مرة أن يعود لمي لينشد أمام بيتهم فسمعه زوجها فطرده، وكادت تحصل كارثة لولا أن لطف القدر بالجميع. وبعد أن وصل ما وصل به الأمر، التقى بامرأة أخرى تدعى "خرقاء" ولها من اسمها نصيب على ما يبدو، فتمسك بها على أنها الحب البديل، ويبدو أنه كان يغش نفسه ويخدعها، إذ كان يداري سوء حظه مع مي. وقال شعراً في خرقاء، ولكن الحنين لم يفارقه، إلى أن مات، حيث ظلت مي هي الحب الأول والأخير، ويبدو أن موته المبكر كان شغفاً بهذا العشق الذي لم يبرح فؤاده.
للاشتراك في خدمة "واتس آب المرصد" المجانية أرسل كلمة “اشتراك” للرقم (0553226244)
في حال رغبتكم زيارة "المرصد سبورت" أضغط هنا